أخبار عاجلة

جمال عبد الناصر رجل في امة وامة في رجل (3/4)

بقلم المحامي عمر زين*

جمال عبد الناصر، الذي تلقى بألم صباح 28 /ايلول/1961 نبأ الانفصال في سوريا، لم يكن غافلاً ابداً عمّن كان وراءه من صانعيه ومؤيديه من فئة الخونة اشخاصاً واحزاباً من السوريين والعرب ومن فئة اعداء الامة العربية القابعين دواخل عروشهم والجواسيس القابعين في أقبية وسراديب المخابرات الاجنبية ومدة عدائهم للجمهورية العربية وهو القائل عنهم يوم اعلان الجمهورية العربية المتحدة:
“على انني ارى من واجبي في هذه اللحظات التاريخية ان اصارحكم ان الطريق الذي نقبل عليه هو شاق وطويل. وان رحلتنا عليه ليس نزهة نروح بها عن النفس – انما رحلتنا عليه مشاق ومتاعب وكفاح وجهاد، فالذين لا تروقهم وحدة مصر وسوريا، ولا توافق اغراضهم لن يتقبلوها بالرضى والسكوت، وانما ستكون المساعي والمحاولات والمناورات والمؤامرات. لهذا اقول لكم من الآن يجب ان نظل مفتوحي الاعين، منتبهي الحس والوجدان، اننا نعيش فترة رائعة، ولكن علينا ان ندرك ان لهذه الفترة الرائعة اخطارها ايضاً، وربما كانت شهوات انفسنا هي اكبر الاخطار التي يتعين علينا مواجهتها”!!
وجمال عبد الناصر بهذا الوعي الرائع الذي حدده يوم قيام الجمهورية العربية المتحدة، وبهذه الجدية والتبصر الحاد لما يتربص بها من مخاطر ومؤامرات، وقد رأينا تلك المؤامرة التي تعرض لها عبد الحميد السراج بالرشوة بالمال تكشفها بنفسه واجهضها، وقد رأينا ايضاً بأن مدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر في دمشق كان العقيد في الجيش العربي السوري عبد الكريم النحلاوي هو قائد المجموعة العسكرية التي قادت عملية الانفصال وفك عرى الجمهورية العربية المتحدة.
وجمال عبد الناصر، وبقدر ما كانت تتوارد امامه معطيات سورية وعربية ودولية كانت تؤكد صحة ما حذر منه – كما بينا اعلاه – فانه قال لا حقاً عن ان الذين سارعوا – منذ بدء حركة الانفصال – الى تأييدها والاعتراف بها كان بعد مرور اكثر من اسبوعين على الانفصال.
ولم يذكر جمال عبد الناصر للقوى السياسية التي سارعت الى تأييد الانفصال وخاصة منها:
1- الشركة الخماسية واطرافها الاممية بقرارات تموز عام 1961.
2- بعض ضباط الجيش السوري الذين قادوا حركة الانفصال (الذين طلب بعضهم لاحقاً العفو والغفران) وقال عبد الناصر بهؤلاء: لا حقد على ضباط الانفصال في سوريا.
3- الحزب الشيوعي السوري وباقي الاحزاب الشيوعية العربية.
4- الحزب السوري القومي الاجتماعي.
5- حزب البعث العربي الاشتراكي.
وجمال عبد الناصر – بعد اشهر – ودع سوريا وطلب الى وزارة الخارجية المصرية في القاهرة ان لا تمانع او تعارض عودة سوريا الى مقعدها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي جامعة الدول العربية وهو يقول: “وستبقى الجمهورية العربية المتحدة رافعة اعلامها مرددة نشيدها مندفعة بكل قواها لتبقى سنداً لكل حق عربي”.
وبقي اسم الجمهورية العربية المتحدة تحمله مصر رسمياً وعربياً ودولياً الى ان جيء بأنور السادات فأجرى تعديل الاسم ليصبح:”جمهورية مصر العربية”.
وجمال عبد الناصر وقد أطلت سنة 1962 وهو ما زال يعاني من جريمة الانفصال، اذا بثورة المليون ونصف مليون شهيد جزائري تطرق وتدق وتفتح امامها ابواب الانتصار، مخلفة وراءها حوالي مئة وثلاثين سنة من الاستعمار الفرنسي الذي كان مقتنعاً بأن الجزائر وشعبها جزءاً من الارض والامة الفرنسية، وان نصف مليون مستعمر فرنسي ولدوا وعاشوا فوق التراب الجزائري يهيئون انفسهم لترك الجزائر والعودة الى ما وراء المتوسط لجهة اوروبا حيث فرنسا الاوروبية، والجزائر عادت جزائرية كما قال الجنرال ديغول الذي وضع حداً لكذبة دامت مئة وثلاثين سنة، وهنا زاد عليه قائد الثورة الجزائرية ورئيس جمهورية الجزائر احمد بن بيلا انها الجمهورية الجزائرية العربية الذي قال في القاهرة انها عاصمة الجمهورية العربية كما اراد لها عبد الناصر: “اننا نحن هنا في القاهرة عند الرئيس جمال عبد الناصر لتهنئته بانتصار الثورة الجزائرية الذي كان اول عربي مع الثورة الجزائرية مساعداً لها بالمال والسلاح في وقت كان الكثر من المواطنين الجزائرين ضد الثورة ومع الفرنسيين، واننا من هنا نعلن اننا على استعداد لارسال مئة الف مقاتل جزائري الى مصر ليعملوا مع الجيش المصري بقيادة جمال عبد الناصر على تحرير فلسطين”.
وجمال عبد الناصر – كما كان في دعمه لثورة الجزائر، كان بنفس القوة الى جانب ثورة الجيش اليمني بقيادة عبدالله السلال الذي اقتلع اعتى نظام ملكي امامي على الارض، واعلن النظام الجمهوري، حيث ما لبثت المملكة العربية السعودية والمملكة الاردنية الهاشمية على الدخول في اليمن في حرب ضد النظام الجمهوري الجديد فبادر جمال عبد الناصر الى ارسال من قوات الجيش المصري الى اليمن ما يمكن الجيش اليمني على الحفاظ على النظام الجمهوري، وعلى هذا الامر استمر الجيش المصري بالقيام بواجب النصرة والدفاع على النظام اليمني الجمهوري ثم بموجب معاهدة مصرية – سعودية – يمنية – اردنية عمل عليها جمال عبد الناصر وانتهت بالتوافق على الاعتراف السعودي والاردني وبعض قطاعات الشعب اليمني الموالي لنظام الامامة البائد وعودة الجيش المصري الى بلاده للانخراط في عملية بناء الجيش المصري الواسعة استعداداً للمعركة الفصل مع الكيان الصهيوني.
*الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب

عن mediasolutionslb

شاهد أيضاً

مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة يفتتح فعالياته ويكرّم الممثلة المصرية يسرا وسط حضور حاشد 

افتتح مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة دورته السابعة في حفل ضخم  أقيم في كازينو لبنان، وجرى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.