كتب حسين زلغوط في موقع “رأي سياسي”
أوحت التطورات العسكرية في اليومين الماضيين لجهة توسعة اسرائيل مروحة استهدافاتها ، بأننا بتنا على قاب قوسين أو أدنى من الدخول في حرب واسعة بين لبنان واسرائيل، سيما وأن التصعيد الاسرائيلي تزامن مع صدور القرار الأممي بوقف النار في غزة في ما تبقى من أيام في شهر رمضان، وفي ظل ارتفاع منسوب التهديد الإسرائيلي وقول مسؤولين عسكريين بأن تل أبيب أصبحت جاهزة للبنان.
صحيح أن الخوف من انفلات الأمور من عقالها على جبهة الجنوب ، هو خوف مبرر قياساً لمسار الأحداث اليومية التي تحصل من قبل اسرائيل، ورد المقاومة الفوري والمركز والمدروس تجاه أي فعل إسرائيلي، غير أن هناك من يجزم بأن العوامل المطلوبة لتوسعة نطاق الحرب لدى اسرائيل غير متوافرة، على عكس ما عليه وضع المقاومة التي أظهرت حركة الميدان بأنها جاهزة وبقوة لكل الأحتمالات. فأي حرب تريد اسرائيل خوضها يحتاج الى ضوء أخضر أميركي وهذا غير متوافر ، لا بل ان واشنطن ولغايات “مصلحجية” ما تزال تعارض أي عمل عسكري اسرائيلي يتجاوز قواعد الإشتباك، لا بل ان الولايات المتحدة تريد أن ترى جبهة الجنوب هادئة، وهو ما حاول الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين تحقيقه خلال جولاته المكوكية بين لبنان وتل ابيب. كما أن هناك عامل آخر يمنع اسرائيل من خوض حرب واسعة مع “حزب الله” هو الجيش الاسرائيلي بذاته حيث يعاني هذا الجيش من العجز والوهن والتعب نتيجة الحرب في غزة، كما أن أعداد القبة الحديدية الموجودة لمواجهة الصواريخ المتوقع سقوطها على أكبر مساحة في اسرائيل غير كافية وهو ما قد يسبب لها خسائر فادحة لن يكون في مقدورها تحملها، وهي التي تعاني ما تعاني جراء مغادرة بضعة آلاف من المستوطنين منازلهم في غلاف غزة وفي المستوطنات المتاخمة للحدود مع لبنان الى مناطق في العمق الاسرائيلي. واضافة الى هذا وذاك فإن ما يجعل اسرائيل تحسب ألف حساب تجاه أي مغامرة تجاه لبنان هو أن كل السيناريوهات التي وضعتها القيادة العسكرية جاءت جميعها سلبية بمعنى أن الجيش الاسرائيلي ليس في وضعية تؤهله خوض حرب على غرار حرب تموز ، وأن أي خطوة من هذا النوع لن تكون نزهة بل ستكون مكلفة للغاية، سيما وأن تل أبيب تملك من المعلومات ما يكفي عن قدرة “حزب الله” الصاروخية، الى جانب ألخوف من أن تبادر المقاومة الى إختراق الحدود واحتلال مستوطنات في الجليل ، وهذا ان حصل يشكل نكسة كبيرة للقيادتين السياسية والعسكرية في اسرائيل لا قدرة لأي منهما على تحملها.
من هنا فإن الحرب الواسعة وعلى الرغم مما يحصل تبقى الى الآن مستبعدة، سيما وأن معلومات حصل عليها موقع “رأي سياسي” تحدثت عن أن هوكشتاين غائب حاضر عن المنطقة حيث لا تهدأ اتصالاته التي تحمل رسائل تحذيرية أميركية بضرورة الحفاظ على قواعد الاشتباك والحؤول دون تدحرج ألأوضاع العسكرية أكثر، مع تشديده الدائم بأن الادارة الأميركية ترغب في أن ترى كل الأطراف ملتزمة بالكامل بمندرجات القرار 1701 على اعتبار أن ذلك الطريق الصحيح للوصول الى حل.
ووفق المعلومات هذه أن الموفد الأميركي أكد إستعداده لزيارة المنطقة في أي لحظة يرى فيها أن تطوراً ما حصل يستدعي ذلك ، وأن إدارة بلاده مهتمة كثيرا بعدم حصول تطورات غير عادية على جبهة الجنوب، مع الأمل في الوصول الى هدنة في غزة تنسحب مفاعيلها الفورية على الجبهة اللبنانية – الاسرائيلية.
كل ذلك يدفع الى الإعتقاد بأن الوضع العسكري على جبهة الجنوب سيبقى يتأرجح بين مد وجزر ، وربما نشهد في بعض الاحيان ارتفاعا حاداً في منسوب التصعيد ، لكن لن تصل الأوضاع الى مرحلة الحرب الكبيرة، سيما وأن هناك تقاطعات دولية لا سيما أميركية – ايرانية لا تحبذ ذلك.