ـــ لإطلاق نظام مصرفي جديد بعد إعادة هيكلة المصارف!
ــ الإنفاق العام وحده يعيد النشاط الى قطاع المقاولات
أكد نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء اللبنانية المهندس مارون الحلو “أن قطاع المقاولات والتطوير العقاري باقٍ على حاله من الجمود، وسيزداد سوءاً مع إستمرار الحرب في غزة والجنوب اللبناني، وعدم طرح الحكومة أي مشروع ولو في حدّه الأدنى كأعمال صيانة الطرق دليل قاطع على عدم قدرتها على طرح إلتزامات جديدة لتحريك قطاع المقاولات”، وأشار الى “أن التلزيمات التي تقوم بها مؤسسات الـ NGO’S بالمباشر تطرح أكثر من علامة إستفهام على طريقة صرف الأموال”، ورأى أن “معالجة الأزمة المصرفية يفرض إطلاق نظام مصرفي جديد إنطلاقاً من “عنوان إعادة هيكلة المصارف” سعياً لإعادة ثقة المستثمرين والمودعين بها”، ودعا الى “تنظيم العمالة السورية ومعالجة الوجود الفضفاض للعائلات..”. في ما يلي مقابلة النقيب الحلو:
التي إستهلها، بالحديث عن كلام البنك الدولي مؤخراً بأن الاقتصاد اللبناني لا يزال يعاني ضعفًا شديداً بالتزامن مع الحرب الدائرة في غزة والجنوب، ما أوجد صدمة إضافية لإمكانية النمو في وضع غير مستقر وغياب الاستثمارات وخطة لمعالجة الأزمة، وتأثير ذلك على إمكانية تأخر نهوض قطاع المقاولات واطلاق مشاريع جديدة فماذا في تفاصيلها..؟
“لا يزال وضع القطاعات الإقتصادية وتحديداً قطاع المقاولات والتطوير العقاري على حاله من الجمود، كما سيزداد سوءاً مع إستمرار الحرب الدائرة في غزة والجنوب اللبناني؛ وهذا الواقع إنعكس قلقاً لدى المستثمرين ودفعهم للتريث عن الإستثمار في لبنان. بالمقابل فإن الحكومة اللبنانية تسعى الى لملمة نتائج اضرابات موظفي القطاع العام على دورة الإنتاج خلال السنوات الماضية في الإدارات والمؤسسات الحكومية التي أفقدت الخزينة المداخيل المالية من اجل تصحيح رواتبهم وأجورهم، والتي تتأمن من واردات المطار والمرفاء والجمارك.
ونتيجة سعي الحكومة لتحريك عجلة العمل في الإدارات الرسمية، فقد إنعكس ذلك سلباً على إمكانية إنفاق أي مبلغ على المشاريع العامة الضرورية التي يحتاجها لبنان لمواكبة حاجات الإقتصاد والبنى التحتية، وهذا الأمر لمسناه في بنود موازنة 2024، التي لم تلحظ أية إصلاحات جوهرية بالإضافة الى إستمرار غياب بند الإنفاق عام في كل الموازنات السابقة، بدليل عدم طرح أي مشروع ولو في حدّه الأدنى كأعمال صيانة الطرق، وهذا دليل قاطع على عدم قدرتها على طرح إلتزامات جديدة لتحريك قطاع المقاولات.
بموازاة ذلك، كانت المشاريع التي تمولها الصناديق العربية والدولية ومنها الصندوق العربي والكويتي والبنك الإسلامي والبنك الدولي واليونيسيف المتنفس الوحيد للمقاولين المتواجدين في لبنان، لكن عدم دفع الدولة المستحقات المتوجّبة عليها لهذه الأشغال جعلتها تتوقف فترة من الزمن ثم إستعادت نشاطها بعد إعادة جدولة الأقساط المستحقة على لبنان”.
ــــ هل لديكم ملاحظات على طريقة تلزيم مؤسسات الـ NGO’S للمشاريع التي تطلقها للتلزيم؟
لقد خالفت المؤسسات غير الحكومية الـ NGO’S التي برز حضورها الكبير بعد إنفجار مرفأ بيروت في آب 2020، القواعد المعتمدة للتلزيم في كل دول العالم، حيث لجأت الى التعامل المباشر في اختيار المقاول وفق ما تريده وليس كما تنص عليه القوانين، خصوصاً وأن هذه الفئة من العاملين يفتقرون الى المهارات التقنية والتنفيذية في مثل هذه الأشغال، ما ترك لدينا أكثر من علامة إستفهام على طريقتها في صرف الأموال.
أيضاً، فقد كان لنقابة المقاولين ملاحظات على طريقة تلزيم هذه المؤسسات للمشاريع، كونها لم تلتزم لدى طرحها دفاتر الشروط بإلزام العارض الحصول على إفادة إنتساب الى النقابة، لهذا فإن أكثرية الذين نفذوا هذه الأشغال لم يكن لديهم الخبرة والكفاءة، الأمر الذي أفقد هذه المؤسسات الشفافية والنزاهة في عملها.
ـــ برأيكم هل سنشهد إعادة هيكلة القطاع المصرفي، فيما تلجأ المصارف الى إقفال المزيد من الفروع والحدّ من توسعها، وإعلان توجه بعض كبارها للمفاوضات شراء أو دمجاً ؟
كنا نتوقع أن يتركز إهتمام الحكومة اللبنانية على دراسة الوضع المتأزم للقطاع المصرفي والمودعين، لكن وللأسف الشديد وبعد مرور عدة سنوات على الأزمة التي يتخبط بها لبنان، نجد أن الدولة في غياب تام عن معالجة هذه الأزمة الضرورية للقطاعات الإقتصادية، فقطاع المقاولات والتطوير العقاري مثلاً لا يمكنه العمل من دون وجود مصارف تعطي الكفالات والإعتمادات وتأمين التمويل للمشاريع.. كل المصارف متعثرة بعدما وضعت أموالها وهي “أموال المودعين” في مصرف لبنان الذي بدوره أقرضها للدولة من دون حدود فوصلنا الى هذا الوضع المؤلم.
لهذا فإن عودة الأمور الى طبيعتها يفرض إعادة هيكلة القطاع المصرفي ومعالجة كيفية دفع أموال المودعين ووضع خطة للتعافي الإقتصادي على إمتداد السنوات المقبلة، وقبل تحقيق ذلك سيبقى قطاع المقاولات والتطوير العقاري في حالة تعثر لأن العامل الأساسي لنهوضه ونجاحه يتطلب وجود امكانات مالية كبيرة وتوفير ضمانات من المُقرضين. وفي حال لم يعد عمل المصارف الى طبيعته لتمويل الأشغال في القطاعين العام والخاص لا يمكن توقع أي خير مُقبل، لهذا فإن معالجة الأزمة المصرفية يفرض وجود نظام مصرفي جديد إنطلاقاً من “عنوان إعادة هيكلة المصارف” سعياً لإعادة ثقة المستثمرين والمودعين بها.
ـــ هل تتواصل حركة إنتقال المقاولين والمهندسين للعمل في الخارج، وأي تأثير على هذين القطاعين مع خروج الكفاءات والشركات واليد العاملة الماهرة؟
بدون شك، والسبب استمرار الأزمة بكل أبعادها الى جانب غياب الحلول والمعالجات الجدية؛ وكلما طال أمد الأزمة، فإن شركات المقاولات والهندسة ستستمر في هجرتها باتجاه الخليج، السعودية، افريقيا ودول العام، لأن طموح المهندسين الشباب واصحاب الكفاءات والطاقات المهنية يكمن في إيجاد فرصة عمل في الخارج بعدما فقدوا الأمل بتحسن الأوضاع وتأمين العناصر الأساسية لعائلاتهم، وإستمرار هذا الواقع دليل واضح أن الخط التصحيحي نحو الداخل لم يحصل، لأن أي عودة تفرض توفر طرح المشاريع التي لا تزال معطلة.
ـــ من المعروف أن قطاع البناء اللبناني يعتمد على اليد العاملة السورية، هل ستتأثر المشاريع الإنشائية في حال إعادتهم الى سوريا، وهل هناك بديل لها من اللبنانيين؟
ــ إن القوى العاملة السورية متواجدة في لبنان منذ خمسين سنة، وهؤلأ العمال يشكلون أكبر حضور في قطاع البناء، بفضل تميزهم بنشاط وقدرة وطاقة على تحمل صعوبات هذه الأشغال، ونتيجة ذلك باتوا عمالاً يتحلون بخبرة في ورش الأشغال، ما يجعلهم حاجة ضرورية في هذه المشاريع. لهذا فإن حل مشكلة النزوح السوري لا يكون بإعادتهم بالمطلق الى بلدهم بل بتنظيم وجودهم في لبنان واعطاء إقامات لمن تتوفر فيهم شروط الإفادة والإستفادة لإقتصاد البلد، لأن المعالجة العشوائية في هذا الموضوع تؤدي الى ردات فعل على كافة الأصعدة. لذلك يجب المحافظة على عمال الورش بعد تنظيم وجودهم وعدم إبقائهم بهذا الشكل العشوائي والفوضوي، والحدّ من التواجد الفضفاض والكبير للعائلات من خلال إعادتهم الى بلدهم، بحيث يبقى من يحتاجه الاقتصاد اللبناني.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة الى أن نقابة المقاولين بدأت منذ العام 2018 مسيرة دعم “التعليم والتدريب المهني والتقني” بهدف تجاوز الصورة النمطية والدونية لهذا التعليم وبأنه فقط لمن ليس لديه القدرة على متابعة الدراسة الأكاديمية، نتيجة غياب توجيه من المعنيين على هذا القطاع، وهي تتابع العمل تشجيع الشباب اللبناني على الدخول في المهن المتواجدة في قطاع البناء والإعمار.
المصدر :كواليس