* كتب علي يوسف
من اكثر الفكاهات في ظل مآسي العدوان الصهيوني ما سمعته اليوم من نجيب ميقاتي حين قال “انا رئيس حكومة كل لبنان وما بيفرق معي موقف حزب الله ….”
هو في الحقيقة محق هو لا يهمه موقف حزب الله ولكن حين يقول ذلك لا يقول لنا ما يهمه حقا اذا كان لايهمه حزب الله وكل القوى المنخرطة في الحرب ضد مشروع الهيمنة الاميركية الصهيونية ولا تهمه بيئتهم فهو في الحقيقة ما يهمه فعلا هو رضى الاميركي والفرنسي والسعودي والعمل بانصياع بموجب تعليماتهم …
ولعل من اهم ماتضمنته كلمة ميقاتي ان الحكومة وبإجماع اعضائها (الذي برره الوزير بيرم من اجل ” الوحدة الوطنية ” )قررت توجيه كتاب الى ما يسمى مجلس الامن والامم المتحدة يطلب فيها وقف اطلاق النار ويؤكد فيها التزام لبنان الكامل بالقرار ١٧٠١ وارسال الجيش الى الجنوب وتأمين بسط سلطة الجيش على كامل الاراضي اللبنانية ….!!!!
قي الشكل يظهر وان الحكومة تكرر ما كانت تقوله دائما و ما كانت تقوله كل القوى اللبنانية من باب التكرار غير المسؤول على الطريقة اللبنانية ومن باب ان هذا التكرار يغطي المواقف المختلفة ..
الا ان هذا الموقف وما اعلنه ميقاتي في ظل الواقع الراهن يحمل في مضامينه ما هو ابعد بكثير من التكرار واهم هذه المضامين :
١- تأكيد وجود فصل بين موقف المقاومة في الميدان (وليس في مجلس الوزراء ) و بين الحكومة اللبنانية “الرسمية ” وان الحكومة لا توافق على انخراط المقاومة في الحرب (تيمنا بالسنيورية الحكومية )…!!
٢- ان مهمة الجيش اللبناني ليس الدفاع عن الوطن وانما الاستجابة والانصياع للرغبة الدولية في جعله على الحدود قوة فصل بين المقاومة وبين الكيان الصهيوني و بحيث يستجيب لرغبات تحرك الجيش الصهيوني في ترك المواقع او تعديلها ويقتصر دوره ” وطنيا ” على تسجيل الاعتداءات الصهيونية لتقوم الحكومة برفعها الى المم المتحدة “لأخذ العلم ” …!!مع اضافة بسط السلطة على كامل الاراضي اللبنانية وكأنه لا يملك هذه السلطة و من باب الاعلان غير المباشر بعدم شرعية المقاومة وبالعزم على الانصياع للغرب بالوقوف في وجهها …؟؟!!!!!
ولم يكلف ميقاتي نفسه التبرير كيف يتحمل الجيش مسؤولية حماية السفارة الاميركية من دون التشكيك بسلطته! وكيف يتبرأ من مسؤولية الحماية و الدفاع عن الوطن في الحرب على لبنان وتدمير مناطقه السكنية وقتل آلاف المدنيين وتنفيذ الاغتيالات واستباحة الاجواء اللبنانية من دون ان يكلف الجيش نفسه بإطلاق رصاصة دفاع واحدة … ..؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!
٣- اما باقي قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بالنازحين فتشعر ان مجلس الوزراء تحول الى هيئة اغاثة من دون سياسات تدل على ان الإغاثة تأتي من ضمن برنامج صمود وطني لتحقيق الإنتصار في الحرب دفاعا عن لبنان و أمنه القومي والاقليمي …؟؟!!! وهكذا يظهر مجلس الوزراء وكأنه NGO اي مؤسسة غير حكومية تتلقى المساعدات وتقوم بتوزيعها وليس على نحو جيد على الاقل ….؟؟؟؟
وهكذا وقف ميقاتي شاكرا الدول التي تقدم المساعدات مع اعطاء الافضلية طبعا للدول التي تقدم لنا” المساعدات الانسانية ” وتقدم للكيان الصهيوني كل الدعم السياسي والحربي والاقتصادي ليتمكن من القضاء على المقاومة في لبنان والمنطقة وتدمير لبنان واذلال شعبه عقابا له على دفاعه عن امنه القومي والاقليمي وعن الكرامة والسيادة الوطنية اللتين يصعب ان يتقبلاهما خشية من المعلم الاميركي …؟؟!!
٤- سمح ميقاتي لنفسه عدم الكلام و التغطية على الفضيحتين المتمثلتين بالسماح لجهاز المخابرات الاميركي بالكشف على مطار بيروت واطلاق سراح العميل الصهيوني الذي تم القبض عليه في الضاحية الجنوبية والذي حصل بطلب المعلم الاميركي .. ولو لم يخرج الوزير بيرم ليعلن عن “التحفظ ” الذي سجل حول هذين الخطوتين الخطيرتين لكان تم تمريرهما كما تم تمرير خطوات مماثلة سابقا …؟؟؟!!!! ودائما انصياعا مذلا للمعلم الاميركي لينعم هؤلاء بسعادة الذل التي تعودوا عليها … علما انه يجب ان نشير الى ان موقف التحفظ لا يرقى الى فداحة ووقاحة ما جرى وهو يشكل تخفيضا لمستوى الدور المطلوب غير مبرر على الاطلاق بل وحتى مدان …؟؟؟
بالخلاصة ان ما خرجت به الحكومة وتم تمريره بدواعي “الاجماع الوطني ” هو ابعد ما يكون عن مفهوم الوطنية وهو يشكل “محاولة ” انصياع للأوامر والتعليمات والشروط الاميركية و الغربية والصهيونية .. وهو محاولة تحويل الواقع الى هزيمة استباقا و خوفا من الوصول الى الانتصار الذي يفرض واقعا جديدا لايريده من يعتبرون الوطن اشبه بفندق يؤمن السائحون الزبائن مصادر ارباحه وتحت شعار الزبون دائما على حق وبهدف الحصول على اكبر قدر من الاكراميات التي يسمونها مكرمات ايا كان شعارها وكلفة الذل للحصول عليها …..
لقد ظن رعاة “الوطن الفندق ” ان الاغتيالات والتي كان افدحها اغتيال الشهيد العظيم سيد شهداء طريق القدس السيد نصرالله والحرب على لبنان والتدمير والقتل قد تشكل فرصة لأخذ لبنان تحت “وطأة المآسي “الى حيث يريد معملهم الاميركي طلبا للرضى والمكرمات .. ولكن بعد ايام وعلى الاكثر اسابيع سوف تصعقهم التطورات ونرى اهتزازات ابدانهم وعقولهم وارتعاش اقدامهم على شاشات التلفزة حين نكون نرى دبابات العدو تدمر وتحترق ….
أليس هذا ما وعد به السيد …سيد الوعد الصادق ..؟؟؟
*عضو في المجلس التنفيذي للاتحاد الدولي للصحفيين