أخبار عاجلة

طليع حمدان: رثاء القريحة التي جعلت الكلمة جسراً للتواصل والمعرفة. د. بيار الخوري

يغيّب الموت طليع حمدان، ويظل أثره حاضرًا في الوعي الثقافي اللبناني. قريحته بقيت متقدة حتى اللحظات الأخيرة، تتحرك بسرعة البديهة نفسها، وتنتج الصورة والمعنى في لحظتهما.

ارتجاله أمام الجمهور شكّل علامة فارقة في الزجل، يكشف عن سيطرة كاملة على اللغة، وعن قدرة على صياغة الفكرة فورًا من دون تردد أو تمهيد إضافي.

حضور القريحة بهذا المستوى يترك في المشهد الشعري نموذجًا يصنع لغته على المنبر ويقود السماع بالكلمة الواثقة.

قوة الارتجال التي ميزته تمنح سيرته بعدًا أوسع من حدود الشعر. تغيب الجسد وتبقى قدرة التواصل التي امتلكها مثالًا يُحتذى. كان يلتقط إشارات الجمهور ويقرأ انفعاله ويصوغ البيت الشعري وفق الإيقاع النفسي السائد في القاعة.

هذه الموهبة تلتقي مع المفهوم التربوي الحديث الذي يمنح مهارات التواصل موقعًا مركزيًا في التعلّم. الإنتاج اللغوي عنده يتحول إلى أداة تأثير، واللغة تأخذ وظيفة التنظيم والإقناع وبناء المشترك داخل الجماعة.

تجربته الشعرية تمنح الغياب معنى إضافيًا. يتعلم المستمع من طريقته في بناء الجملة وضبط الإيقاع وتحويل الفكرة إلى خطاب واضح ومؤثر. التربية الحديثة تبحث عن المتعلم القادر على التعبير، وعن الخطيب الذي يدير المعنى داخل الجماعة ويمنح اللغة وظيفة تواصلية لا تنفصل عن التفكير.

تجربة طليع حمدان تقدم هذا المبدأ عبر الممارسة لا عبر التنظير، وتبقى في الذاكرة نموذجًا يربط الإبداع بالقدرة على التواصل، ويمنح الكلمة قيمة تربط الفن بالإنسان، والفكرة بالقلب، والصوت بالمعنى…..رحم الله طليع حمدان.
المصدر : beirutyabeirut.com

عن mediasolutionslb

مجلة سيدات وأعمال مجلة اقتصادية واجتماعية وثقافية شاملة صاحب الامتياز رئيس التحرير الصحافي حسين حاموش. موقع سيدات وأعمال sayidatwaa3mal.com موقع اخباري شامل الناشر حسين حاموش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.