
انطلقت في حرم الجامعة الإسلامية في الوردانية أعمال اللقاء التوجيهي لـ«حاضنة الأمل الوطني للابتكار والريادة»، بحضور رؤساء أكاديمين وخبراء تريويين، بهدف عرض رؤية المركز ومنهجيته التنفيذية، وبحث الشراكات التي تربط التعليم التطبيقي بالتعليم العالي عبر حاضنة ابتكار وطنية!
استهلّ الاستاذ سامر عاصي الجلسة بكلمة ترحيبية قدّم فيها المشروع بوصفه منصة عملية تنقل الأفكار من حيّز التداول النظري إلى مشروعات مُنتِجة ذات أثر قابل للقياس، عبر مسار واضح يرتكز إلى الابتكار والاستثمار في تطوير وانتاج الذكاء الإصطناعي مع وضع خطط متابعة زمنية تضمن تقدّم الفرق المرشحة وصولًا إلى نماذج أولية قابلة للانتاج.
ثم تحدّث رئيس نقابة تكنولوجيا التربية النقيب ربيع بعلبكي مؤكّدًا أنّ المتابعة والتدريب والتشبيك ضمن إطار الابتكار المؤنسن والمسؤول هو المدخل الأصح لمعالجة المشكلات؛ فالفهم الدقيق والتعاطف يؤدي الى فهم وتحديد المشكلة وكيفية تصميم حل مناسب والذي ينبغي أن يُترجم إلى تطبيقات نافعة للطلاب. وبيّن أنّ التفكير التصميمي يمثّل إطارًا مهاراتيًا جامعًا لقوائم «مهارات القرن الحادي والعشرين» لأنه يدمج مهارات التفكير الناقد والإبداع والتواصل والتعاون والمواطنة الرقمية والمهارات الشخصية القيَمية في سير عمل موجّه بتحدٍّ واضح نحو تحويل الفكرة إلى نموذج أولي ثم نموذج عملي او صناعي ومن ثم الى مشروع منتج. وربط بعلبكي هذا المسار بأهداف التنمية المستدامة وبأدوات الثورة الصناعية الرابعة—من الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة إلى الروبوتات والطباعة ثلاثية الأبعاد والأمن السيبراني والتقنيات الافتراضية الغامرة—مشددًا على أن الثورة الراهنة تقوم على «حقول العقول» لا «حقول المعادن او النفط »، وأن الابتكار لا يكتمل إلا مؤنسنًا ومسؤولًا. واستشهد بالقول المأثور للامام علي (ع): «كل إناء يضيق بما جُعل فيه إلا إناءَ العلم يتّسع». والذي يؤكد ان لا حدود لإنتاج العقول والملكية الفكرية لان اناءها يتسع بمقدار الابتكار واقتدار الإبداع والتفكير اللا محدود وخاصة عند تطبيق منظومة التعلم القائم على التحدي الابتكاري الموجه الى ميدان العمل وتعزيز المهن .
وعرض البروفيسور حسان خشفة رؤية الحاضنة بوصفها منظومة عمل لا مكانًا فحسب؛ تبدأ بالانتقاء الرشيد للأفكار وفق معايير الأثر والجدوى وتماسك الفريق، مرورًا بإرشاد مهني منظّم والتحقق المبكر من ملاءمة السوق، وصولًا إلى بلورة نموذج أعمال واستدامة. وأوضح أن نجاح الشركات الناشئة يُبنى على قانون وبيانات وملكية فكرية مضبوطة من اليوم الأول، وشراكات تنفيذية مع الجامعة والمدارس والبلديات والقطاع الخاص، ضمن أطر زمنية واضحة تقود إلى منتج مُثبت وقابل للنمو قائلا:” اذا اردت الاستدامة فاعمل مع فريق لتذهب ابعد،امااذا اردت الوصول اسرع فاذهب لوحدك و لكنك ستسقط سريعاً”. وقد استعرض الرؤية والهدف وآليات العمل ومساق التنفيذ وبناء الشراكات المستدامة،
بدوره شدّد مدير عام مؤسسات امل التربوية الدكتور بلال زين الدين على أنّ الشباب هم صانعو الحاضر والمستقبل، وأن منحهم مساحة للتفكير والابتكار لا يخلق فرصًا فحسب بل يصنع «حضارة من الأمل والمعرفة». ورأى أن الحاضنة تمثل خطوة نوعية في مسار مؤسسات أمل التربوية، إذ يحمل مشروعها رؤية لبناء جيلٍ مبدع ومسؤول قادر على مواكبة العالم بقدراته. وأكّد أن رسالة المؤسسات منذ تأسيسها أن التربية لا تكتمل بالعلم وحده بل بالإبداع والتفكير والابتكار والقدرة على الإنتاج؛ لذلك بادرت مبكرًا إلى إدخال البرمجة والروبوت والذكاء الاصطناعي وبرنامج STEAM++ في المناهج، مذكّرًا بأن طلاب المؤسسات قدّموا أكثر من ثمانمائة مشروع مبتكر ومتنوّع على المستويين الوطني والعالمي.
وتابع الدكتور محمود عيسى المدير التربوي لمؤسسات أمل التربوية—موضحًا أن تبني مادة «التربية على الابتكار» جزء أصيل من الإجراءات التنفيذية للخطة التربوية: تمكين مهاري مبكّر في المراحل ما قبل الجامعية يفضي إلى تميّز طلابي في الجامعة وسوق العمل. وقدّم نماذج من مشاريع فازت في مباريات على صعيد لبنان وبعضها عالمي، وأعلن عن أفكار مشاريع جديدة سيتم تنفيذها خلال هذا العام الدراسي دعماً لمسار الحاضنة.
وأعقب ذلك معالي الدكتور حسن اللقيس، رئيس الجامعة الإسلامية، بكلمة اتسمت بنَفَسٍ أكاديمي وقيادي رؤيوي، إذ عبّر عن تأثره بما شاهده من حيوية وابتكار—«تكبر القلب بإنجازات الطلاب في مراحل مبكرة»—معلنًا أنّ الجامعة الإسلامية ستكون بيت الابتكار وحاضنة المشروع، وستسخّر ما بوسعها من إمكانات أكاديمية وإدارية ولوجستية لدعمه. وأكّد أنّ مواكبة التطورات لم تعد ترفًا بل ضرورة، وأن دور الجامعة لا يقتصر على تلقين المعارف بل يمتد إلى صناعة إنسان مبتكر لا يعتمد على الحفظ، عبر تعليم قائم على البحث والتجريب والمشروعات والتقويم بالأداء. وأشار إلى توجّه الجامعة لتيسير ما يلزم من مساحات عمل ومختبرات ومنصات رقمية ودعم إداري سريع للفرق الطلابية، والتزامها بحوكمة البيانات والأخلاقيات في كل مبادرة، بما يضمن تحويل مخرجات الحاضنة إلى منتجات ذات أثر مجتمعي.
واختُتمت الكلمات بمداخلة موسّعة لـ سعادة النائب قبلان قبلان الذي وضع التخطيط في صدارة أولويات البناء الوطني، مؤكدًا أنّ غياب التخطيط هو العِلّة الجوهرية، وأن أي نشاط—من سفر وتجارة إلى المهن الطبية والخدماتية—لا يستقيم بلا خطة، وإلا آل إلى عشوائية كمن يشيد بيتًا بلا مخطط. ودعا إلى تغيير النهج والتركيز على التكنولوجيا والصناعة الرقمية بوصفهما رافعتين للنمو، منتقدًا المفارقات المؤسسية التي تُنشئ وزارات تقنية بموارد غير متخصصة بما يحدّ من الفاعلية. وربط قبلان ذلك بالحاجة الملحة إلى تبسيط الإجراءات والتحول الرقمي؛ فالمعاملة التي تمر على عدد كبير من الموظفين يمكن اختصارها بمنظومة خدمة رقمية كاملة—إدخال بيانات، تفعيل بطاقات إلكترونية، والدفع عبر الإنترنت—من دون ورق أو طوابير، مع الإشارة إلى مبادرات بلدية بدأت بالفعل خطوات عملية لتيسير معاملات المنازل.
وكشف النائب قبلان عن عمل دؤوب، منذ خمسة إلى ستة أشهر، على مشروع قانون لإنشاء مناطق صناعية تكنولوجية حرة، وقد وصفه بـ«الممتاز» لما ينطوي عليه من حوافز تشجع الاستثمار وتسهّل التصدير والاستيراد وتخفض الاحتكاك البيروقراطي. ويرتكز المشروع إلى ركيزتين تنظيميتين واضحتين: هيئة مختصة تمسك بدفة التنسيق والحوكمة التنفيذية، ومجلس إدارة يضمن صناعة قرار فعّالة ومتوازنة. واستعاد تجربة عهد فؤاد شهاب حين كانت وزارة التخطيط ترسم خرائط تنظيمية سليمة للمؤسسات والمصانع والقوانين، مؤكّدًا أن خطط التنمية ينبغي أن تستمر حتى في ظل الأزمات. وفي سياق الحوكمة، شدّد على استقلالية الإدارة وضرورة إبعاد التدخلات خلف الكواليس، موضحًا أن الترخيص يُمنح «بالأحقية» لمن يستوفي الشروط، مع مهلة شهر لاستكمال الجاهزية؛ فمن استوفى يبدأ العمل فورًا، ومن لم يستوفِ لا ينال الترخيص. وختم بدعوة صريحة إلى الجامعة الإسلامية للمبادرة إلى ترخيص مدينة صناعية مرتبطة بالحاضنة، ضمن رؤية تتسع لمناطق متعددة في لبنان وتفتح الباب لشراكات عابرة للبلدان.
وخلص اللقاء إلى جملة خلاصات عملية تمهّد لمرحلة التنفيذ؛ أبرزها: اعتماد الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث مرجعيةً لتحكيم المشاريع، وتعزيز التعاون مع مؤسسات أمل التربوية عبر مسار تطبيقي يتضمن خمسة مشاريع، إلى جانب التزام الجامعة الإسلامية باحتضان مشروعين ضمن برنامج الحاضنة حتى نهاية العام 2025. كما شدّد المجتمعون على إطار دعم متكامل يجمع التوجيه الإداري والتمكين الاقتصادي والمتابعة القانونية والإجرائية والدعم اللوجستي—بما في ذلك الإعلان وتجارب المستخدم والزيارات الميدانية—مع البناء المنهجي للقدرات التدريبية الحياتية والشخصية والرقمية ..، بما يضمن انتقال المركز من الوعي إلى التنفيذ عبر مشاريع مُنتِجة وحوكمة واضحة وشراكات واقعية بين الجامعة والمدرسة والبلدية والقطاع الخاص.
Sayidat wa Aamal The Whole magazine Package