مرقص في ختام “الملتقى الإعلامي العربي”: نحو إعلام حرّ لا يُسجن فيه الصحافيون… وثقة تتجدّد في العهد الجديد

أسدل “الملتقى الإعلامي العربي” ستار أعماله في مركز التدريب والمؤتمرات بمبنى الإدارة العامة لطيران الشرق الأوسط في مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، بعد أيام حافلة بالنقاشات والجلسات وورش العمل التي جمعت أكثر من 160 إعلامياً عربياً تحت سقف بيروت… العاصمة الدائمة للإعلام العربي.
وفي الجلسة الختامية التي أدارها الإعلامي نيشان ديرهاروتيان، كان لوزير الإعلام اللبناني، المحامي الدكتور بول مرقص، حضور لافت بمداخلته التي جمعت بين الرؤية القانونية والنَفَس الإصلاحي، بحضور الأمين العام للملتقى الدكتور ماضي الخميس.
مرقص استهل حديثه بالإشارة إلى أن “قانون الإعلام الحالي تجاوز الثلاثين عاماً من العمر”، لافتاً إلى أنّ “مشروع القانون الجديد الذي يناقَش في مجلس النواب يسعى لأن يكون مواكباً لعصر الرقمنة والتكنولوجيا، ويحترم المعايير الدولية في حرية التعبير.”
وشدّد الوزير على أنّ “القانون الجديد يحرّم توقيف الإعلاميين ويمنع ملاحقتهم جزائياً أمام الضابطة العدلية والنيابة العامة”، مؤكداً بحزم: “لن يُسجن أي صحافي بعد اليوم، فهذا حقّ صريح تحميه القوانين الدولية.”
وتوقف مرقص عند أهمية ربط الإصلاح الإعلامي بالإصلاح القضائي، من خلال “إقرار قانون استقلالية القضاء والتشكيلات القضائية”، معتبراً أنّ هذه الخطوات “تشكل إشارات واضحة إلى عودة الثقة وتأمين الاستقرار في هذا العهد الرئاسي الذي يضع الحريات في صلب أولوياته.”
وفي حديثه عن ميثاق الشرف الإعلامي، وصفه مرقص بأنه “مدوّنة أخلاقية ضرورية تُنظّم العمل الإعلامي وتمنع الانزلاق نحو الفوضى أو المبالغة”، موضحاً أن الميثاق “ليس قانوناً، لكنه يضم مبادئ يمكن أن تستوحى منها التشريعات القادمة.”
كما كشف عن “مقترح لإعادة هيكلة وزارة الإعلام وتحويل الإعلام الرسمي إلى منصة رقمية حديثة تجمع تلفزيون لبنان والوكالة الوطنية والإرشيف والدراسات في منظومة تفاعلية متكاملة”، معتبراً أن هذا التحول “يشكل خطوة نحو إعلام دولة حديثة ومفتوحة على العالم.”
ولم يغب الشأن الوطني عن مداخلته، إذ أعلن مرقص أن “مجلس الوزراء وافق على تكليف وزارة العدل دراسة الخطوات القانونية لمقاضاة إسرائيل بسبب اعتداءاتها المتكررة على الصحافيين اللبنانيين، ومتابعة القضية على المستوى الدولي.”
من جهته، عبّر الدكتور ماضي الخميس عن امتنانه للبنان ووزارة الإعلام على “الاحتضان والكرم”، معلناً أن “التوصيات الختامية للملتقى ستصدر خلال اليومين المقبلين لتُرفع إلى مجلس وزراء الإعلام العرب والجهات المعنية”، مؤكداً أنّ “بيروت ستظل، رغم كل التحديات، منارة الإعلام العربي وملاذه.”
وفي ختام اللقاء، قُدّمت لوحات فنية من دولة الجزائر إلى الوزير مرقص والدكتور الخميس عربون تقدير لجهودهما في إنجاح الملتقى.
وفي الختام، بدا واضحاً أن بيروت لم تستضف الملتقى فحسب، بل جدّدت عبره رسالتها القديمة – الجديدة: أن الحرية لا تُمنح، بل تُصان، وأن الإعلام اللبناني، مهما تعرّض للرياح، سيبقى مساحة نورٍ وصوتِ حقّ في وجه العتمة.